فصل: مناسبة الآية لما قبلها:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والأخمص من القدم: الموضع الّذي لا يصل إلى الأرض منها عند الوطء. والخمصان: المبالغ منه. أي أن ذلك الموضع منه شديد التجافي عن الأرض. وسئل ابن الأعرابي عنه فقال: إذا كان خمص الأخمص بقدر لم يرتفع جدا ولم يسوأسفل القدم جدا فهو أحسن ما يكون. وإذا استوى أوارتفع جدا فهو ذم.
فيكون المعنى حينئذ: معتدل الخمص بخلاف الأولى. وكلا القولين متجه يحتمله اللفظ. ومسيح القدمين: أي أن ظاهرهما ممسوح غير متعقد. فإذا صب عليهما الماء مرّ سريعا لملامستهما فينبوعنهما الماء ولا يقف. يقال: نبا الشيء ينبوإذا تباعد.
وقال الهروي: أراد أنهما ملساوان: ليس فيهما وسخ ولا شقاق ولا تكسر. فإذا أصابهما الماء نبا عنهما.
وقوله: إذا زال زال قلعا كأنما ينحط من صبب. والأنحدار من صبب والتقلع من الأرض قريب بعضه من بعض. أراد أنه كان يستعمل التثبت. ولا يبين منه في هذه الحال استعجال ومبادرة شديدة.
وفي حديث آخر: إذا مشى تقلّع. أراد به قوة المشي وأنه كان يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا. لا كمن يمشى اختيالا. ويقارب خطوه. فإن ذلك من مشى النساء.
والتكفؤ: تمايل الماشي إلى قدام كالغصن إذا هبت به الريح. والهون: المشي في رفق ولين غير مختال ولا معجب-. والذريع: السريع. أي أنه كان واسع الخطوفيسرع مشيه. وربما يظن أن هذا ضد الأول. ولا تضاد فيه. لأن معناه أنه كان مع تثبته في المشي يتابع الخطوات ويوسعها فيسبق غيره.
والصّبب: الموضع المنحدر من الأرض. وذلك دليل سرعة مشيه. لأن المنحدر لا يكاد يثبت في مشيه.
وفي رواية كأنما يهوي من صبوب بضم الصاد: جمع صبب. وهو المنحدر من الأرض. وبفتح الصاد: اسم لما يصب على الإنسان من ماء غيره. وهو يهوي: إذا نزل من موضع عال.
وقوله: وإذا التفت التفت جميعا: أي لم يكن يلوي عنقه. ورأسه إذا أراد أن يلتفت إلى ورائه. فعل الطائش العجل. إنما يدير بدنه كله وينظر. وقيل: أراد أن لا يسارق النظر. وخفض الطرف ضد رفعه. وجلّ الشيء معظمه والملاحظة:
أن ينظر بلحظ عينيه وهو شقها الّذي يلي الصدغ والأذن. ولا يحدق إلى الشيء تحديقا.
والطرف العين. وكانت الملاحظة معظم نظره وأكثره. وهودليل الحياء والكرم. ويسوق أصحابه: أي يقدمهم أمامه. ويمشي وراءهم. والسكت:
السكوت. وجوامع الكلم: القليلة الألفاظ الكثيرة المعاني. جمع جامعة وهي اللفظة الجامعة للمعاني. والقول الفصل: هو البين الظاهر المحكم الّذي لا يعاب قائله. وحقيقته الفاصل بين الحق والباطل. والخطأ والصواب.
والفضو ل من الكلام: ما زاد عن الحاجة وفضل. ولذلك عطف عليه (و لا تقصير). والدمث: السهل اللين الخلق. والجافي: المعرض المتباعد عن الناس. وقيل: الغليظ الخلقة والطبع. والمهين (بضم الميم) من الإهانة وهي الإذلال والإطراح. أي لا يهين أحدا من الناس. و(بفتح الميم) من المهانة وهي الحقارة والصغر.
ويعظم النعمة: أي لا يستصغر شيئا أوتيه وإن كان صغيرا. والذّواق: اسم لما يذاق باللسان. أي لا يصف الطعام بطيب ولا بشاعة. وقالوا: وقوله: تعوطي الحق لم يعرفه أحد. أي إذا نيل من الحق أوأهمل أوتعرض للقدح فيه. تنكر عليهم وخالف عادته معهم. حتى لا يكاد يعرفه أحد منهم. ولا يثبت لغضبه شيء حتى ينتصر للحق.
وقوله: إذا تحدث اتصل بها. أي أنه كان يشير بكفه إلى حديثة. وتفسير قوله: فيضرب بباطن راحته اليمني باطن إبهامه اليسرى. وأشاح: إذا بالغ في الإعراب وجدّ فيه. المشيح المبالغ في كل أمر. أي إذا غضب لم يكن ينتقم ويؤاخذ. بل يقنع بالإعراض عمن أغضبه.
وغض الطرف عند الفرح دليل على نفي البطر والأشر. والتبسم: أقل من الضحك. ويفتر: أي يكشف عند التبسم عن أسنانه من غير قهقهة. وحب الغمام: البرد. وقوله: فيرد ذلك على العامة بالخاصة: أرد أن العامة كانت لا تصل إليه في هذا الوقت. وكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه فكأنه أوصل الفوائد إلى العامة بالخاصة. وقيل أن الباء في الخاصة تخبر العامة: بمعنى من. أي فجعل وقت العامة بعد وقت الخاصة وبدلا منهم.
والرّوّاد: جمع رائد. وهو الّذي يتقدم القوم. يكشف لهم حال الماء والمرعى قبل وصو لهم. ويخرجون أدلة: أي يدلون الناس بما قد علموه منه وعرفوه. يريد أنهم يخرجون من عنده فقهاء.
ومن قال أذلة (بذال معجمة) فيكون جمع ذليل. أي يخرجون من عنده متواضعين. وقوله: لا يفترقون إلا عن ذواق: ضرب الذواق مثلا لما ينالون عنده من الخير. أي لا يفترقون إلا عن علم يتعلمونه يقوم لهم مقام الطعام والشراب. لأنه يحفظ الأرواح كما يحفظ الأجسام.
وقوله: لا تؤبن فيه الحرم: أي لا تقذف وترمي بعيب. والحرم: جمع حرمة. وهي المرأة. ولا تنثى فلتاته: أي لا يتحدث عن مجلسه بهفوة أوزلة إن حدثت فيه من بعض القوم. يقال: نتوت الحديث إذا أذعته. والفلتات جمع فلتة. وهي الزلة والسقطة.
وقيل معناه: أنه لم يكن فيه فلتات فتنثى. والبشر: طلاقة الوجه وبشاشته.
والفظ: السيء الخلق. والسخاب فعال من السخب. وهو الضجة واختلاط الأصوات.
والخصّام والفحّاش والعيّاب: فعال من الفحش في القول وعيب الناس والوقيعة بينهم.
وقوله: لا يقبل الثناء إلا من مكافئ: يريد أنه كان إذا ابتدأ بثناء ومدح كره ذلك. وإذا اصطنع معروفا فأثني عليه. هش وشكر له قبل ثنائه.
وأنكر ابن الأعرابي هذا التأويل وقال: المعنى أنه لا يقبل الثناء عليه ممن لا يعرف حقيقة إسلامه ويكون من المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم.
وقال الأزهري: معناه لا يقبل الثناء إلا من مقارب غير مجاوز حد مثله. ولا مقصر عما رفعه الله إليه. والمكافأة: المجازاة على الشيء. اهـ.

.تفسير الآيات (4- 6):

قوله تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ ولويَشَاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِيَبْلُوبَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما تحرر أن الكفار أحق الخلق بالعدم لأن الباطل مثلهم وحقيقة حالهم. سبب عنه قوله: {فإذا لقيتم} أي أيها المؤمنون {الذين كفروا} ولوبأدنى أنواع الكفر في أيّ مكان كان وأيّ زمان اتفق.
ولما كان المراد القتل المجهر بغاية التحقق. عبر عنه مؤكدًا له من الاختصار بذكر المصدر الدال على الفعل مصورًا له بأشنع صوره مع ما فيه من الغلظة على الكفار والاستهانة بهم فقال تعالى: {فضرب الرقاب} أي عقبوا لقيكم لهم من غير مهلة بأن تضربوا رقابهم ضربًا بالصدق في الضرب بما يزهق أرواحهم. فإن ذلك انتهاز للفرصة وعمل بالأحوط. وكذلك النفس التي هي أعدى العدوإذا ظفرت بها وجب عليك أن لا تدع لها بقية. قال القشيري: فالحية إذا بقيت منها بقية فوضعت عليها إصبع ثبت فيها سمها.
ولما كان التقدير: ولا يزال ذلك فعلكم. غياه بقوله: {حتى} وبشرهم بالتعبير بأداة التحقق فقال تعالى: {إذا أثخنتموهم} أي أغلظتم القتل فيهم وأكثرتموه بحيث صاروا لا حراك بهم كالذي ثخن فأفرط ثخنه؛ فجعل ذلك شرطًا للأسر كما قال تعالى: {وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض} [الأنفال: 67] ثم قال تعالى مبينًا لما بعد الثخن: {فشدوا} أي لأنه لا مانع لكم الأن من الأسر {الوثاق} أي الرباط الذي يستوثق به من الأسر بالربط على أيديهم مجموعة إلى أعناقهم- مجاز عن الأسر بغاية الاستيلاء والقهر.
ولما كان الإمام مخيرًا في أسراهم بين أربعة أشيئاء: القتل والإطلاق مجانًا والإطلاق بالفدية وهي شيء يأخذه عوضًا عن رقابهم والاسترقاق. عبر عن ذلك بقوله مفصلًا: {فإما منًّا} أي أن ينعموا عليهم إنعامًا {بعد} أي في جميع أزمان ما بعد الأسر باستبقائهم ثم بعد الأنعام باستبقائهم إما أن يكون ذلك مع الاسترقاق أو مع الإطلاق ثم الإطلاق إما مجانًا {وإما فداء} بمال أوبأسرى من المسلمين ونحوذلك. فأفهم التعبير بالمن الذي معناه الأنعام أن الإبقاء غير واجب بكل جائز. ودخل في الإبقاء ثلاث صور: الاسترقاق والإطلاق مجانًا وبالفداء فصرح سبحانه وتعالى بالفداء الذي معناه الأخذ على وجه أن قسيم للمن. فعلم أن المراد به الإبقاء مع عدم الأخذ فدخل فيه الإطلاق مجانًا وهو واضح والاسترقاق لأنه إنعام بالنسبة إلى القتل. وأفهم التعبير بالمن الذي معناه الأنعام من المنان الذي هو اسمه تعالى ومعناه المعطي ابتداء جواز القتل لأن الأنعام مخير فيه لا واجب لأنه لوكان واجبًا كان حقًا لا نعمة. فقد دخلت السور الأربع في التعبير بهاتين الكلمتين- والله الهادي. وكل هذا على ما يراه الإمام أونائبه مصلحة. قال القشيري: كذلك حال المجاهدة مع النفس إذا كان في إغفاء ساعة وإفطار يوم ترويح للنفس من الكد وقوة على الجهد فيما يستقبل من الأمر على ما يحصل به الاستصواب من شيخ المريد وفتوى لسان الوقت أوفراسة صاحب المجاهدة- انتهى.
وقد أفهم هذا السياق أن هذا الحكم ثابت غير منسوخ والأمر بالقتل وحده في غيرها من الآيات عام غير مخصوص بما أفهمته الغاية من أن التقدير: والجهاد على هذه الصفة باق وماض مع كل أمير برًا كان أوفاجرًا. لا يزال طائفة من الأمة قائمين به ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله. وهو - والله أعلم- المراد بقوله تعالى: {حتى} أي افعلوا ما أمرتكم به على ما جددت لكم إلى أن {تضع الحرب أوزارها} وهي أثقالها أي الالات التي تثقل القائمين بها من النفقات والسلاح والكراع ونحوه. وذلك لا يكون وفي الأرض كافر. وذلك على زمن عيسى عليه الصلاة والسلام حين تخرج الأرض بركاتها. وتكون الملة واحدة وهي الإسلام لله رب العالمين. فيتخذ الناس حديد السلاح سككًا ومناجل وفؤوسًا ينتفعون بها في معاشهم كما ورد في الحديث: «الجهاد ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال»- رواه في الفردوس عن أنس- رضى الله عنه- «الجهاد واجب عليكم مع كل بر وفاجر» رواه أبوداود عن أبي هريرة- رضى الله عنه-.
ولما كانت الحرب كريهة إلى النفوس شديدة المشقة. أكد أمرها بما معناه: إن هذا أمر قد فرغ منه. فقال تعالى: {ذلك} أي الأمر العظيم العالي الحسن النافع الموجب لكل خير.
ولما كان هذا ربما أوهم أن التأكيد في هذا الأمر لكون الحال لا يمكن انتظامه إلا به. أتبعه ما يزيل هذا الإيهام فقال: {ولو} ولما كان لوعبر بالماضي أفاد أنه كان ولم يبق. عبر بالمضارع الدال على الحال وما بعده فقال: {يشاء الله} أي الملك الأعظم الذي له جميع صفات الكمال والقدرة على ما يمكن {لأنتصر منهم} أي بنفسه من غير أحد انتصارًا عظيمًا بأن لا يبقى منهم أحدًا {ولكن} أوجب ذلك عليكم {ليبلوا}.
ولما كان الابتلاء ليس خاصًا بفريق منهم بل عامًا للفريقين لأنه يكشف عن أهل المحاسن وأهل المساوئ من كل منهم. قال تعالى: {بعضكم} من الفرقة المؤمنين بالأنكار عليهم من الفرقة الطاغين حتى يكون لهم بذلك اليد البيضاء {ببعض} أي يفعل في ذلك فعل المختبر ليترتب عليه الجواء على حسب ما تألفونه من العوائد.
ولما أفهم هذا أن الابتلاء بين فريقين بالجهاد. قال عاطفًا على ما تقديره: فالذين قاتلوا أوقتلوا في سبيل الشيطان أضل أعمالهم: {والذين قتلوا} وفي قراءة البصريين وحفص {قتلوا} وهي أكثر ترغيبًا والأولى أعظم ترجية {في سبيل الله} أي لأجل تسهيل طريق الملك الأعظم المتصف بجميع صفات الكمال.
ولما كان في سياق الترغيب. قرن الخبر بالفاء إعلامًا بأن أعمالهم سببه فقال تعالى: {فلن يضل} أي يضيع ويبطل {أعمالهم} لكونها غير تابعة لدليل بل يبصرهكم بالأدلة ويوفقهم لاتباعها. وهو معنى قوله تعالى تعليلًا: {سيهديهم} أي في الدارين بوعد لا خلف فيه بعد المجاهدة إلى كل ما ينفعهم مجددًا ذلك على سبيل الاستمرار {ويصلح بالهم} أي موضع فكرهم فيجعله مهيأ لكل خير بعيدًا عن كل شر امنًا من المخاوف مطمئنًا بالإيمان بما فيه من السكينة. فإذا قتل أحد في سبيله تو لى سبحانه وتعالى ورثته بأحسن من تو لي المقتو ل لوكان حيًا.
ولما كان هذا ثوابًا عظيمًا ونوالًا جسيمًا. أتبعه ثوابًا أعظم منه فقال تعالى: {ويدخلهم الجنة} أي دار القرار الكاملة في النعيم. وأجاب من كأنه يسأل عن كيفية إدخالهم إياها وكيفيتها عند ذلك بقوله تعالى: {عرفها لهم} أي بتعريف الأعمال الموصلة إليها والتوفيق لهم إليها في الدنيا وأيضًا بالتبصير بالمنازل في الآخرة حتى أن أحدهم يصير أعرف بمنزله فيها منه بمنزله في الدنيا. وطيب رائحتها وجعل موضعها عاليًا وجدرانها عالية وهي ذات أغراف وشرف. وفي هذه الآية بشرى عظيمة لمن جاهد ساعة ما بأن الله يميته على الإسلام المستلزم لئلا يضيع له عمل. ويؤيده ما رواه الطبراني في الكبير عن فضالة بن عبيد الأنصاري- رضى الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «للإسلام ثلاث أبيات: سفلى وعليا وغرفة. فأما السفلى فالإسلام دخل فيه عامة المسلمين فلا تسأل أحدًا منهم إلا قال: أنا مسلم. وأما العليا فتفاضل أعمالهم بعض المسلمين أفضل من بعض. وأما الغرفة العليا فالجهاد في سبيل الله لا ينالها إلا أفضلهم». اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} ثم قال تعالى: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
الفاء في قوله: {فَإِذَا لَقِيتُمُ} يستدعي متعلقًا يتعلق به ويترتب عليه. فما وجه التعلق بما قبله؟ نقول هو من وجوه: الأول: لما بيّن أن الذين كفروا أضل الله أعمالهم واعتبار الإنسان بالعمل. ومن لم يكن له عمل فهو همج فإن صار مع ذلك يؤذي حسن إعدامه {فَإِذَا لَقِيتُمُ} بعد ظهور أن لا حرمة لهم وبعد إبطال أعمالهم. فاضربوا أعناقهم الثاني: إذا تبين تباين الفريقين وتباعد الطريقين. وأن أحدهما يتبع الباطل وهو حزب الشيطان. والآخر يتبع الحق وهو حزب الرحمن حق القتال عند التحزب. فإذا لقيتموهم فاقتلوهم الثالث: أن من الناس من يقول لضعف قلبه وقصور نظره إيلام الحيوان من الظلم والطغيان. ولاسيما القتل الذي هو تخريب بنيان. فيقال ردًا عليهم: لما كان اعتبار الأعمال باتباع الحق والباطل فمن يقتل في سبيل الله لتعظيم أمر الله لهم من الأجر ما للمصلي والصائم. فإذا لقيتم الذين كفروا فاقتلوهم ولا تأخذكم بهما رأفة فإن ذلك اتباع للحق والاعتبار به لا بصورة الفعل.